الثلاثاء، 8 نوفمبر 2011

مالكوم إكس - الرجل الذي مات واقفاً



مالكوم إكس (بالإنجليزية: Malcolm X‏) أو الحاج مالك شباز (19 مايو 1925 - 21 فبراير 1965). مؤسس كل من "مؤسسة المسجد الإسلامي" و"منظمة الوحدة الأفريقية الأمريكية". يعد من أشهر المناضلين السود في الولايات المتحدة. وفقد أربعة من أعمامه على يد العنصريين البيض، وهو من الشخصيات الأمريكية المسلمة البارزة في منتصف القرن الماضي، والتي أثارت حياته القصيرة جدلاً لم ينته حول الدين والعنصرية، حتى أطلق عليه "أشد السود غضباً في أمريكا". كما أن حياته كانت سلسلة من التحولات؛ حيث انتقل من قاع الجريمة والانحدار إلى تطرف الأفكار العنصرية، ثم إلى الاعتدال والإسلام، وبات من أهم شخصيات حركة أمة الإسلام قبل أن يتركها ويتحول إلى الإسلام السني، وعندها كُتبت نهايته بست عشرة رصاصة في حادثة اغتياله. هذا ويعد يوم الاثنين الثالث من كل شهر كانون الثاني/يناير (تقريباً موعد ولادته) عطلة رسمية في الولايات المتحدة الأمريكية.



لقد فسر مالكوم الاسم الذي اختاره لنفسه بقوله إن إكس ترمز لما كنت عليه وما قد أصبحت، كما يعني ـ في الرياضيات ـ المجهول وغير معلوم الأصل. وبما أن السود في أمريكا منفصلون عن أصولهم وجذورهم، فقد فضل مالكوم استخدام إكس على اللقب الذي منح لأجداده من قبل مالكيهم بعد جلبهم من إفريقيا إلى أمريكا كعبيد وهو لقب ليتل. ولنفس الأسباب قام العديد من أعضاء حركة أمة الإسلام بتغيير ألقابهم إلى إكس لاقتناعهم بآراء مالكوم.


ولد مالكوم في أوماها - نيبراسكا لوالديه "إيرل ليتل" و"لويز ليتل". كان أبوه قسيساً أسود من أتباع "ماركوس غارفي" الذي أنشأ جمعية بنيويورك ونادى بصفاء الجنس الأسود وعودته إلى أرض أجداده في أفريقيا. أما أمه فكانت من جزر الهند الغربية لكن لم تكن لها لهجة الزنوج، وكان مالكوم المولود السابع في الأسرة؛ فقد وضعته أمه وعمرها ثمانية وعشرون عاما، كانت العنصرية في ذلك الوقت في الولايات المتحدة ما زالت على أشدها، وكان الزنجي الناجح في المدينة التي يعيش فيها مالكوم هو ماسح الأحذية أو البواب!!

كان أبوه حريصاً على اصطحابه معه إلى الكنيسة في مدينة "لانسينغ" حيث كانت تعيش أسرته على ما يجمعه الأب من الكنائس، وكان يحضر مع أبيه اجتماعاته السياسية في "جمعية التقدم الزنجية" التي تكثر خلالها الشعارات المعادية للبيض، وكان الأب يختم هذه الاجتماعات بقوله: إلى الأمام أيها الجنس الجبّار، بوسعك أن تحقق المعجزات. وكان أبوهُ يحبه لِلون بشرته الفاتح قليلاً عنه، أما أمهُ فكانت تقسو عليه لذات السبب، وتقول له: "اخرج إلى الشمس ودعها تمسح عنك هذا الشحوب".

ولقد التحق بالمدرسة وهو في الخامسة من عمره، وكانت تبعد عن مدينته ثمانية أميال، وكان هو وعائلته الزنوج الوحيدين بالمدينة؛ لذا كان البيض يطلقون عليه الزنجي أو الأسود، حتى ظن مالكوم أن هذه الصفات جزء من اسمه، وكان الفتى الصغير عندما يعود من مدرسته يصرخ مطالباً بالطعام، ويصرخ ليحصل على ما يريد، ويقول في ذلك: "لقد تعلمت باكراً أن الحق لا يُعطى لمن يسكت عنه، وأن على المرء أن يحدث بعض الضجيج حتى يحصل على ما يريد".

وعندما بلغ مالكوم سن السادسة قتلت والدَهُ جماعة عنصرية بيضاء (بالإنجليزية: Black Legion‏) وهي مجموعة من البيض العنصريين في لانسنج، ميشيغان عام 1931، وهشمت رأسه؛ فكانت صدمة كبيرة للأسرة وبخاصة الأم التي أصبحت أرملة وهي في الرابعة والثلاثين من عمرها وتعول ثمانية أطفال، فترك بعض الأبناء دراستهم، وعملت الأم خادمة في بعض بيوت البيض، لكنها كانت تُطرد بعد فترة قصيرة لأسباب عنصرية.

وتردت أحوال الأسرة، وكانت الأم ترفض وتأبى أن تأخذ الصدقات من مكتب المساعدة الاجتماعية؛ حتى تحافظ على الشيء الوحيد الذي يمتلكونه وهو كرامتهم، غير أن قسوة الفقر سنة 1934 جعلت مكتب المساعدة يتدخل في حياتهم، وكان الموظف الأبيض فيه يحرّض الأبناء على أمهم التي تدهورت حالتها النفسية وأصيبت بمرض عقلي سنة 1937، وأودعت في المستشفى لمدة 26 عاما.

وأصبح الأطفال السود أطفال الدولة البيضاء، وتحكّم الأبيض في الأسود بمقتضى القانون. وتردت أخلاق مالكوم، وعاش حياة التسكع والتطفل والسرقة؛ ولذلك فُصل من المدرسة وهو في سن السادسة عشرة، ثم أُلحق بسجن الأحداث.

كان مالكوم شاباً يافعاً قوي البنية، وكانت نظرات البيض المعجَبة بقوتهِ تشعرهُ بأنه ليس إنساناً بل حيوان كالخنزير لا شعور لهُ ولا إدراك، وكان بعض البيض يعاملونهُ معاملة حسنة، غير أن ذلك لم يكن كافياً للقضاء على بذور الكراهية والعنصرية في نفس الشاب الصغير؛ لذلك يقول: "إن حسن المعاملة لا تعني شيئا ما دام الرجل الأبيض لن ينظر إليّ كما ينظر لنفسه، وعندما تتوغل في أعماق نفسه تجد أنه ما زال مقتنعاً بأنه أفضل مني".

وتردد مالكوم على المدرسة الثانوية وهو في سجن الإصلاح، وكانت صفة الزنجي تلاحقه كظله، وشارك في الأنشطة الثقافية والرياضية بالمدرسة، وكانت صيحات الجمهور في الملعب له: "يا زنجي يا صدئ" تلاحقه في الأنشطة المختلفة، وأظهر الشاب تفوقاً في التاريخ واللغة الإنجليزية. وفي عام 1940م رحل إلى أقاربه في بوسطن، وتعرف هناك على مجتمعات السود، ورأى أحوالهم الجيدة نسبياً هناك، وبعد عودته لاحظ الجميع التغير الذي طرأ عليه، غير أنه احتفظ بتفوقه الدراسي، وفي نهاية المرحلة الثانوية طلب مستر "ستراوسكي" من طلابه أن يتحدثوا عن أمنياتهم في المستقبل، وتمنى مالكوم أن يصبح محامياً، غير أن ستراوسكي نصحه ألا يفكر في المحاماة لأنه زنجي وألا يحلم بالمستحيل؛ لأن المحاماة مهنة غير واقعية له، وأن عليه أن يعمل نجاراً، وكانت كلمات الأستاذ ذات مرارة وقسوة على وجدان الشاب؛ لأن الأستاذ شجّع جميع الطلاب على ما تمنوه إلا صاحب اللون الأسود؛ لأنه في نظره لم يكن مؤهلاً لما يريد.

وبعد انتهاء المرحلة الثانوية قصد مالكوم بوسطن وأخذته الحياة في مجرى جديد، وأصيب بنوع من الانبهار في المدينة الجميلة، وهناك انغمس في حياة اللهو والمجون، وسعى للتخلص من مظهره القوي، وتحمل آلام تغيير تسريحة شعره حتى يصبح ناعماً، وأدرك أن السود لو أنفقوا من الوقت في تنمية عقولهم ما ينفقونه في تليين شعورهم لتغير حالهم إلى الأفضل.

ثم انتقل إلى نيويورك للعمل بها في السكك الحديدية، وكان عمره واحداً وعشرين عاماً، وكانت نيويورك بالنسبة له جنة، وتنقل بين عدة أعمال، منها أن يعمل بائعاً متجولاً، وتعلم البند الأول في هذه المهنة وهو ألا يثق بأحد إلا بعد التأكد الشديد منه.

وعاش فترة الحرب العالمية الثانية، وشاهد ما ولدته الحرب من خراب ودمار وغاص في أنواع الجرائم المختلفة وعاش خمس سنوات في ظلام دامس وغفلة شديدة، وفي أثناء تلك الفترة أُعفي من الخدمة العسكرية؛ لأنه صرح من قبيل الخديعة أنه يريد إنشاء جيش زنجي.




 ومن مذكاته الذاتية :
مالكولم في السجن، صاخب، غاضب غاضب غاضب! يدفع حراسه دفعاً ليزجّوا به في الحبس الإنفرادي، حيث يظلّ مزمجراً، لاعناً كل شيء، لاعناً من حوله، لاعناً ربه، يذرع حفرته ولا يغمض له جفن، فاستحق بشعره الأحمر ولعناته التي يصبّها يميناً وشمالاً، لقب: الشيطان. فاصل.ثم يأتيه في السجن ريشموند، أخوه الأصغر، الأحب إلى قلبه، بنيامينه، ويهمس في أذنه: (مالكولم، إذا أردت الخروج من هنا، اركل العادة (أي تخلى عن إدمانك) وتجنب لحم الخنزير). ثم ينصرف. فيطير عقل مالكولم، لا بد أنها وصفة سحرية، لا بد أنها (هسل) ، خدعة، ربما ابتعاده عن إدمانه، عن لحم الخنزير (والذي هو جزء من هوية الرجل الأسود في أميريكا) سيُحدِثُ به تحولات فيزيونفسية، تُحِيلُهُ إلى مصحّةِ السجن، أو تطلق سراحه لعدم كفاءته الذهنية. وبكل إخلاص، يركل مالكولم العادة. إلا أن العادة، أو الإدمان، هي صفة مالكولم، كل ما حدث أنه تم رفع مالكولم من المخدرات ليعلق في خطّافٍ آخر يدعى المكرّم المبجل: الإليجا محمد. وكما الهلوسات التي تصيب المدمن، فكذلك مالكولم المقبل بكليته على الإليجا وكتاباته وأفكاره، فيراه وهو بين المستيقظ والنائم جالساً على فراشه، رجلاً ضئيلاً، فاتح البشرة، آسيوي الملامح، تُشِعُّ عينيه بالذكاء، كان ذاك طيف الإليجا محمد. وبين ليلةٍ وضحاها، ينقلب الشيطان إلى شخصيةٍ مُهَابة، يتحدث فيصمت الجميع، لا ببطش يده، بل بكلماته .
 



أدرك مالكوم أن الإسلام هو الذي أعطاه الأجنحة التي يحلق بها، فقرر أن يطير لأداء فريضة الحج في عام 1964م، وزار العالم الإسلامي ورأى أن الطائرة التي أقلعت به من القاهرة للحج بها ألوان مختلفة من الحجيج، وأن الإسلام ليس دين الرجل الأسود فقط، بل هو دين الإنسان. وتعلم الصلاة، وتعجب من نفسه كيف يكون زعيما ورجل دين مسلم في حركة أمة الإسلام ولا يعرف كيف يصلي!!.

التقى بعدد من الشخصيات الإسلامية البارزة، منها الدكتور عبد الرحمن عزام صهر الملك فيصل ومستشاره، وهزه كرم الرجل معه وحفاوته به.

وتأثر مالكوم بمشهد الكعبة وأصوات التلبية، وبساطة وإخاء المسلمين، يقول في ذلك: "في حياتي لم أشهد أصدق من هذا الإخاء بين أناس من جميع الألوان والأجناس، إن أمريكا في حاجة إلى فهم الإسلام؛ لأنه الدين الوحيد الذي يملك حل مشكلة العنصرية فيها"، وقضى 12 يوما جالسا مع المسلمين في الحج، ورأى بعضهم شديدي البياض زرق العيون، لكنهم مسلمون، ورأى أن الناس متساوون أمام الله بعيدا عن سرطان العنصرية.
غيّر مالكوم اسمه إلى الحاج مالك شباز، والتقى الملك فيصل الذي قال له: "إن ما يتبعه المسلمون السود في أمريكا ليس هو الإسلام الصحيح"



اغتياله


صاغ بعد عودته أفكارا جديدة تدعو إلى "الإسلام الصحيح"، "الإسلام اللاعنصري"، وأخذ يدعو إليه، ونادى بأخوة بني الإنسان بغض النظر عن اللون، ودعا إلى التعايش بين البيض والسود، وأسس منظمة الاتحاد الأفريقي الأمريكي؛ لذلك هاجموه وحاربوه، وأحجمت الصحف الأمريكية عن نشر أي شيء عن هذا الاتجاه الجديد، واتهموه بتحريض السود على العصيان، فقال: "عندما تكون عوامل الانفجار الاجتماعي موجودة لا تحتاج الجماهير لمن يحرضها، وإن عبادة الإله الواحد ستقرب الناس من السلام الذي يتكلم الناس عنه ولا يفعلون شيئا لتحقيقه".

تنامت الخلافات بين مالكوم وأمة الإسلام، وفي إحدى محاضراته يوم الأحد (18 شوال 1384هـ الموافق 21 فبراير 1965م) صعد مالكوم ليلقي محاضرته، ونشبت مشاجرة في الصف التاسع بين اثنين من الحضور، فالتفت الناس إليهم، وفي ذات الوقت أطلق ثلاثة أشخاص من الصف الأول 16 رصاصة على صدر هذا الرجل، فتدفق منه الدم بغزارة، وخرجت الروح من سجن الجسد.

قامت شرطة نيويورك بالقبض على مرتكبي الجريمة، وثارت عدة نظريات تقول بأن اغتيال مالكوم إكس كان مؤامرة وقف وراءها مروجو المخدرات أو الـ FBI أو الـ CIA.و من الراجح أن هذه العملية كانت من عمل منظمة أكبر من "أمة الإسلام". فمالكوم اكس قد درب في أمة الإسلام و هو يعرف مقدرتها، و هذا كان أكبر من قدرها. و قد علق الكس هايلي بأن الوضع كان غير آمن و كانت مؤامرة مدبرة.




من أقواله

  • على الوطنية أن لا تعمي أعيننا عن رؤية الحقيقة، فالخطأ خطأ بغض النظر عن من صنعه أو فعله.
  • كن مسالماً ومهذباً أطع القانون واحترم الجميع وإذا ما قام أحدٌ بلمسك أرسله إلى المقبرة.
  • لا أحد يمكن أن يعطيك الحرية ولا أحد يمكن أن يعطيك المساواة والعدل، إذا كنت رجلاً فقم بتحقيق ذلك لنفسك.
  • لا تستطيع فصل السلام عن الحرية، فلا يمكن لأحد أن ينعم بالسلام مالم يكن حراً.
  • نريد الحرية، العدل، المساواة بأي طريقةٍ كانت.
  • كلمة أب لا تعني أن تنجب أبناء فالجميع يستطيع الحصول على أبناء ولكن كلمة الأب تعني القدرة على الاعتناء بالأبناء.
  • إذا لم تقف لشيء ستقع لأي شيء.
  • المستقبل لهؤلاء الذين يُعِدون له الحاضر.


توقيع مالكوم اكس



اقرا المزيد عن مالكوم اكس

بتعليقاتكم المدونة تكبر اكثر واكثر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق